المايسترو صاحب المنتداى
عدد المساهمات : 219 تاريخ التسجيل : 24/07/2009
| موضوع: الطب النبوي5 الأحد يوليو 26, 2009 5:48 am | |
| موضوع: الطب النبوي5 السبت أبريل 18, 2009 12:06 pm
-------------------------------------------------------------------------------- + ---- -ونازعهم في ذلك آخرون من العقلاء من الأطباء وغيرهم ، وقالوا : ليس في البدن جزء ناري بالفعل ، واستدلوا بوجوه : أحدها : أن ذلك الجزء الناري إما أن يدعى أنه نزل عن الأثير ، واختلط بهذه الأجزاء المائية والأرضية ، أو يقال : إنه تولد فيها وتكون ، والأول مستبعد لوجهين ، أحدهما : أن النار بالطبع صاعدة ، فلو نزلت ، لكانت بقاسر من مركزها إلى هذا العالم . الثاني : أن تلك الأجزاء النارية لا بد في نزولها أن تعبر على كرة الزمهرير التي هي في غاية البرد ، ونحن نشاهد في هذا العالم أن النار العظيمة تنطفئ بالماء القليل ، فتلك الأجزاء الصغيرة عند مرورها بكرة الزمهرير التي هي في غاية البرد ، ونهاية العظم أولى بالانطفاء .
وأما الثاني : - وهو أن يقال : إنها تكونت ها هنا - فهو أبعد وأبعد ، لأن الجسم الذي صار ناراً بعد أن لم يكن كذلك ، قد كان قبل صيرورته إما أرضاً ، وإما ماء ، وإما هواء لانحصار الأركان في هذه الأربعة ، وهذا الذي قد صار ناراً أولاً ، كان مختلطاً بأحد هذه الأجسام ، ومتصلاً بها ، والجسم الذي لا يكون ناراً إذا اختلط بأجسام عظيمة ليست بنار ولا واحد منها ، لا يكون مستعداً لأن ينقلب ناراً لأنه في نفسه ليس بنار ، والأجسام المختلطة باردة ، فكيف يكون مستعداً لانقلابه ناراً ؟ فإن قلتم : لم لا تكون هناك أجزاء نارية تقلب هذه الأجسام ، وتجعلها ناراً بسبب مخالطتها إياها ؟ قلنا : الكلام في حصول تلك الأجزاء النارية كالكلام في الأول ، فإن قلتم : إنا نرى من رش الماء على النورة المطفأة تنفصل منها نار ، وإذا وقع شعاع الشمس على البلورة ، ظهرت النار منها ، وإذا ضربنا الحجر على الحديد ، ظهرت النار ، وكل هذه النارية حدثت عند الإختلاط ، وذلك يبطل ما قررتموه في القسم الأول أيضاً .
قال المنكرون : نحن لا ننكر أن تكون المصاكة الشديدة محدثة للنار ، كما في ضرب الحجارة على الحديد ، أو تكون قوة تسخين الشمس محدثة للنار ، كما في البلورة ، لكنا نستبعد ذلك جداً في أجرام النبات والحيوان ، إذ ليس في أجرامها من الإصطكاك ما يوجب حدوث النار ، ولا فيها من الصفاء والصقال ما يبلغ إلى حد البلورة ، كيف وشعاع الشمس يقع على ظاهرها ، فلا تتولد النار البتة ، فالشعاع الذي يصل إلى باطنها كيف يولد النار ؟
الوجه الثاني : في أصل المسألة : أن الأطباء مجمعون على أن الشراب العتيق في غاية السخونة بالطبع ، فلو كانت تلك السخونة بسبب الأجزاء النارية ، لكانت محالاً إذ تلك الأجزاء النارية مع حقارتها كيف يعقل بقاؤها في الأجزاء المائية الغالبة دهراً طويلاً ، بحيث لا تنطفئ مع أنا نرى النار العظيمة تطفأ بالماء القليل .
الوجه الثالث : أنه لو كان في الحيوان والنبات جزء ناري بالفعل ، لكان مغلوباً بالجزء المائي الذي فيه ، وكان الجزء الناري مقهوراً به ، وغلبة بعض الطبائع والعناصر على بعض يقتضي انقلاب طبيعة المغلوب إلى طبيعة الغالب ، فكان يلزم بالضرورة انقلاب تلك الأجزاء النارية القليلة جداً إلى طبيعة الماء الذي هو ضد النار
الوجه الرابع : أن الله سبحانه وتعالى ذكر خلق الإنسان في كتابه في مواضع متعددة ، يخبر في بعضها أنه خلقه من ماء ، وفي بعضها أنه خلقه من تراب ، وفي بعضها أنه خلقه من المركب منهما وهو الطين ، وفي بعضها أنه خلقه من صلصال كالفخار ، وهو الطين الذي ضربته الشمس والريح حتى صار صلصالاً كالفخار ، ولم يخبر في موضع واحد أنه خلقه من نار ، بل جعل ذلك خاصية إبليس . وثبت في صحيح مسلم : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم " ، وهذا صريح في أنه خلق مما وصفه الله في كتابه فقط ، ولم يصف لنا سبحانه أنه خلقه من نار ، ولا أن في مادته شيئاً من النار .
الوجه الخامس : أن غاية ما يستدلون به ما يشاهدون من الحرارة في أبدان الحيوان ، وهي دليل على الأجزاء النارية ، وهذا لا يدل ، فإن أسباب الحرارة أعم من النار ، فإنها تكون عن النار تارة ، وعن الحركة أخرى ، وعن انعكاس الأشعة ، وعن سخونة الهواء ، وعن مجاورة النار ، وذلك بواسطة سخونة الهواء أيضاً ، وتكون عن أسباب أخر ، فلا يلزم من الحرارة النار .
قال أصحاب النار : من المعلوم أن التراب والماء إذا اختلطا فلا بد لهما من حرارة تقتضي طبخهما وامتزاجهما ، وإلا كان كل منهما غير ممازج للآخر ، ولا متحداً به ، وكذلك إذا ألقينا البذر في الطين بحيث لا يصل إليه الهواء ولا الشمس فسد ، فلا يخلو ، إما أن يحصل في المركب جسم منضج طابخ بالطبع أو لا ، فإن حصل ، فهو الجزء الناري ، وإن لم يحصل ، لم يكن المركب مسخناً بطبعه ، بل إن سخن كان التسخين عرضياً ، فإذا زال التسخين العرضي ، لم يكن الشيء حاراً في طبعه ، ولا في كيفيته ، وكان بارداً مطلقاً ، لكن من الأغذية والأدوية ما يكون حاراً بالطبع ، فعلمنا أن حرارتها إنما كانت ، لأن فيها جوهراً نارياً .
وأيضاً فلو لم يكن في البدن جزء مسخن لوجب أن يكون في نهاية البرد ، لأن الطبيعة إذا كانت مقتضية للبرد ، وكانت خالية عن المعاون والمعارض ، وجب انتهاء البرد إلى أقصى الغاية ، ولو كان كذلك لما حصل لها الإحساس بالبرد ، لأن البرد الواصل إليه إذا كان في الغاية كان مثله ، والشئ لا ينفعل عن مثله ، وإذا لم ينفعل عنه لم يحس به ، وإذا لم يحس به لم يتألم عنه ، وإن كان دونه فعدم الإنفعال يكون أولى ، فلو لم يكن في البدن جزء مسخن بالطبع لما انفعل عن البرد ، ولا تألم به . قالوا : وأدلتكم إنما تبطل قول من يقول : الأجزاء النارية باقية في هذه المركبات على حالها ، وطبيعتها النارية ، ونحن لا نقول بذلك ، بل نقول : إن صورتها النوعية تفسد عند الإمتزاج .
قال الآخرون : لم لا يجوز أن يقال : إن الأرض والماء والهواء إذا اختلطت ، فالحرارة المنضجة الطابخة لها هي حرارة الشمس وسائر الكواكب ، ثم ذلك المركب عند كمال نضجه مستعد لقبول الهيئة التركيبية بواسطة السخونة نباتاً كان أو حيواناً أو معدناً ، وما المانع أن تلك السخونة والحرارة التي في المركبات هي بسبب خواص وقوى يحدثها الله تعالى عند ذلك الإمتزاج لا من أجزاء نارية بالفعل ؟ ولا سبيل لكم إلى إبطال هذا الإمكان البتة ، وقد اعترف جماعة من فضلاء الأطباء بذلك .
وأما حديث إحساس البدن بالبرد ، فنقول : هذا يدل على أن في البدن حرارة وتسخيناً ، ومن ينكر ذلك ؟ لكن ما الدليل على انحصار المسخن في النار ، فإنه وإن كان كل نار مسخناً ، فإن هذه القضية لا تنعكس كلية ، بل عكسها الصادق بعض المسخن نار . وأما قولكم بفساد صورة النار النوعية ، فأكثر الأطباء على بقاء صورتها النوعية ، والقول بفسادها قول فاسد قد اعترف بفساده أفضل متأخريكم في كتابه المسمى بالشفا ، وبرهن على بقاء الأركان أجمع على طبائعها في المركبات . وبالله التوفيق .
admin مشاهدة ملفه الشخصي إرسال رسالة خاصة إلى admin البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة admin
05-02-2008, 06:46 PM | |
|